Translate

Tuesday 2 April 2013

الامل

في هذا العصر المليء بالكوارث والاحزان التي تعيشها الشعوب الآن اصعب ما يمكن الكتابة عنه الآن هو الامل.
اذا كان الامل متعلق بالشخص وجهده الشخصي فهو مستحيل جدا اذ لا يقدر اي مخلوق في العالم على ان يصدق بأن هناك املا بدون الاتكال على الرب اذ يعتبر ذلك غرورا وتجبرا قال الرب ،"لأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِي أُنَجِّيهِ. أُرَفِّعُهُ لأَنَّهُ عَرَفَ اسْمِي. يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبُ لَهُ، مَعَهُ أَنَا فِي الضِّيقْ، أُنْقِذُهُ وَأُمَجِّدُهُ. مِنْ طُولِ الأَيَّامِ أُشْبِعُهُ، وَأُرِيهِ خَلاَصِي" (سفر المزامير 91: 14_16)
 اما النوع الآخر من الامل فهو المتعلق بايمان الانسان بالله عز وجل وبايمانه بأن بدونه لا حياة ولا امل، اذ ان الامل هنا هو الفرح بالغد الآتي، هو الايمان بأن الغد سيأتي لا محالة مع صانع الغد، اذ لا غد بدون سيده، ان تعيش في الامل دائما معناه ان تحيا مع المسيح ومن يحيا مع المسيح لا يعرف اليأس ولا يعرف السقوط، بل كل ما يعرفه هو النجاح والفرح والضحك والسعادة المبنية على ايمان عميق لا يعطي للدنيا اهمية كبرى بل يعيشها وهو يعرف بأنه زائر طالت ايامه ام قصرت، لذلك فهو على يقين بأنه يجب ان يمضي هذه العطلة بأمان وسلام، يجتهد بأن يعطي ثمرا مفيدا ، يجتهد بأن يكون شاهدا لمجد الله تعالى من خلال ابتسامته الدائمة وفرحه الداخلي الذي يظهر على بشاشة وجهه معلنا لجميع الناس نور الله الذي يعيشه. "نَفْتَخِرُ أَيْضًا فِي الضِّيقَاتِ، عَالِمِينَ أَنَّ الضِّيقَ يُنْشِئُ صَبْرًا، وَالصَّبْرُ تَزْكِيَةً، وَالتَّزْكِيَةُ رَجَاءً، وَالرَّجَاءُ لاَ يُخْزِي، لأَنَّ مَحَبَّةَ اللهِ قَدِ انْسَكَبَتْ فِي قُلُوبِنَا بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الْمُعْطَى لَنَا" (رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 5: 3_5)
 هذا ما يعيشه المؤمن بالمسيح المحبة التي تعطي ولا تأخذ ، والمحبة التي تجلت في المسيح الهنا عندما قدم نفسه فداء عنا وصلب من اجل خطايانا، واعطانا الامل والايمان بأن كل مؤمن هو مخلَّص لا محالة. وكل مؤمن سينال عطايا ايمانه، ولا يتجلى الايمان الا اذا سطع نور الامل في نفوسنا، من كان الامل نصيبه اصاب نعمة من لدن الله اذ ان هذا الانسان لن يعرف القنوط في حياته ولا اليأس ابدا بل سيحيا حياة سعيدة ،"نَصِيبِي هُوَ الرَّبُّ، قَالَتْ نَفْسِي، مِنْ أَجْلِ ذلِكَ أَرْجُوهُ" (سفر مراثي إرميا 3: 24)
سأروي قصة صغيرة عن الامل حدثت في الحياة المعاشة الحاضرة، اذ كان هناك عائلة قد رميت في الشارع واجتمع عليها جنود الشر وامعنوا في ايذائها لدرجة انها خسرت كل شيء ابتداء من معيلها وضرب المرض احد ابنائها وكان مرضا شديدا ، وضرب الام يأسا كبيرا من حدوث معجزة في يومنا هذا الا ان ايمانها الكبير بأن لدى الرب العدل الذي سيضمن لها ولعائلتها الامان والمأوي النظيف ، فكانت ان سلمت امرها اليه تعالى وصلت وطلبت منه المعونة وكلها ايمان بأن طلبها سيأخذ طريقه الى التنفيذ حين يأمر الرب الاله ولو طالت الايام لأن حساباته غير حساباتنا فهو يعرف متى الوقت المناسب لكل شيء. بقي الحال هكذا سنوات عرفت فيها هذه العائلة العوز وعملت الام في اعمال صعبة في درجات حرارة اربعين تحت الصفر وكانت الى جانب ذلك تحيط ابنها المريض بالرعاية وتسهر الليالي الى جانبه وهي  تصلي وتطلب الصبر لتقدر على المضي معه ولتقدر على ان تحمل صليبها الذي يكبر كل يوم، وهي تكرر دائما مع آلامك يا يسوع ، اعني على حمل صليبي تشبها بك يا رب،ومضت الايام والسنون وحل اليوم الذي عينه الرب ليعطي هذه العائلة كل حقوقها، فبطريقة تدعو الى العجب وفي ليلة لا يوجد فيها ضوء قمر امطرت السماء عليهم من حيث لا يدروا ولا يتوقعوا كل ما حرموا منه وكل ما أخذ منهم عنوة، قد رجع اليهم حتى ابسط الاشياء التي فقدوها،فقد انعم الله على الإبن بالشفاء و اعاد الرب اليهم معيلهم ولكن الاخير لم يكن يؤمن كفاية ولم يكن يملك الصبر الكافي كي يتخطى معوقات الحياة فهبط الى الهاوية التي انتشلها منه الرب وعاد الى حيث لا يليق بمؤمن ان يكون ولكن كان هذا اختياره وكان اختيار البقية العيش مع المسيح وضمن تعاليمه ووصاياه شاكرين متسلحين بالامل بأن الرب الذي عرف بالعدل قبل الرحمة لن يبخل على صاحب حق بدا طال الزمن ام قصر،"إِنْ كَانَ لَنَا فِي هذِهِ الْحَيَاةِ فَقَطْ رَجَاءٌ فِي الْمَسِيحِ، فَإِنَّنَا أَشْقَى جَمِيعِ النَّاسِ" (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 15: 19)